ألبوم ورده "اللي ضاع من عمري"
الذين نفّذوه إستسهلوه فأضعفوه ... بل كادوا يقتلوه!
===============================
د .جمال فياض - عن مجلة زهرة الخليج
---------------
وأخيرا وبعد طول إنتظار أفرجت "روتانا" عن ألبوم الفنانه الكبيره ورده الجزائريه الذي حمل إسم "اللي ضاع من عمري" وتضمن ست أغنيات قصيرة بعض الشيء. تصميم غلاف الألبوم متواضع وبسيط. مع أن فنانة بحجم وردة تستحق أن تعاملها "روتانا" كما تعامل أليسا وأحلام بفخامة غلافات ألبوماتهم، من حيث الطباعة أو التصميم. وإن كانت الصور التي التقطها كريم نور بمنتهى الجمال، فإن تصميم الغلاف بيد الفنان عصام نصّار كان بسيطا جدا.... لنستمع معا ...
1 – يا حبّ مين يشتري
تدخل ورده على ليالي ثم غناء من موّال على طبقة منخفضة جدا. ثم بنقلة سريعة ومفاجئة بل غير متوقّعة تدخل الى غناء بلحن بسيط وغير ذي أهمية. لا جديد فيه، ولا يوازي مستوى وتاريخ ورده الغنائي. كما نلاحظ أن نوع من اللاإنسجام بين الموسيقى وصوت ورده، وكأنها تغنّي في مكان والموسيقى في مكان آخر. هناك سوء ميكساج واضح. لا أعتقد أن خالد عزّ منح ورده بهذا اللحن أفضل ما تستحقه. أغنية بسيطة لا أهمية لمثل هذا اللحن، ولا تغنيه أي مطربة من مطربات الجيل. أغنية "نيئة" جدا... وإن كانت كلمات أمير طعيمه تحاول أن تخترع حكمة في نص لا جديد فيه، ولحن لا رهبة فيه، وتوزيع لمحمد مصطفى لا يمكن أن نصدّق أنه تولاه... لست أدري لماذا أشعر أن هذه الأغنية تمّ تسجيلها منذ خمس أو عشر سنوات ... والكلام أكثر من ذلك، سيكون كما الضرب في الميت، وهذا حرام!!
2 – أمل
من كلمات وألحان مروان خوري وتوزيع داني خوري. يدخل مروان بلحنه لكلمة ملل، كما لحن لألياس الرحباني في أغنية قديمة وضعها بالفرنسية وما زلنا نتذكّرها ونغنّيها، إنها أغنية "تامي". اللحن جميل ولطيف، وموسيقاه حلوة، وفيها الكثير من الرومانسية. ونقرات الغيتار الخشبي الجميلة تحلّي الأجواء الحالمة فيه. وتريات سعيد كمال جميلة وتضيف لأجواء الأغنية الكثير من الحلم. وغناء ورده ساحر، بل هي تغنّي هنا وكأنها بصوتها من زمن شبابها الرائع. واضح أن صوت ورده تجدّد شبابه في هذه الأغنية. الكورال أيضا دافيء وجميل، وأصوات الشابات ناعمة ومناسبة جدا للجو الغنائي اللطيف. الأمر الغريب الذي لفتني كثيرا، لماذا يكتب لها مروان بنفسه أغنية باللهجة المصرية؟ ألم يكن أجدى به أن يلعب بملعبه متفرّدا ويكتب أغنية لبنانية؟ هذا خطأ فني إرتكبه مروان، وإن كانت كلماته جميلة ولا تشوبها أخطاء يرتكبها عادة الدخلاء على شعر الغناء المصري... أغنية ناعمة وحلوة. ومن حظ بلال زين لأن أغنيته المؤجّلة - القادمة ستكون باللهجة اللبنانية.
3 – اللي ضاع من عمري
نعم هذا ما أريده كمستمع من ورده... نعم، هذا لحن جميل، وهذه كلمات جميلة، وهذا توزيع موسيقي شرقي جميل. وإحساس ورده في هذه الأغنية عالٍ جدا. كلمات هاني عبد الكريم ساحرة على موسيقى خالد عزّ الرقيقة والعذبة. توزيع خالد عزّ للحنه يثبت أن توزيع اللحن يأتي من صاحبه أحلى. خصوصا أن في وتريّات هاني فرحات الغنيّة والسخيّة سحر دافيء.وفي صولو الكمان الذي يؤديه الدكتور محمد عبد العزيز حرفيّة أستاذ قدير يعزف نغمة جميلة، بل بديعة. لكن في ميكساج الصوت بعض الشوائب. لقد أبرز صوت ورده وقدّمه على الموسيقى أكثر مما يجب. أغنية دافئة وجميلة وناعمة... ووردة؟؟ ما أحلاها وردة. تغنّي بحبّ كبير.
4 – فهّموني
للراحل رياض الهمشري تغنّي وردة لحنا أكمله بتوزيعه وفواصله الموسيقية خالد عزّ، وكتب كلماته أمير طعيمه. دخول غنائي صعب بعض الشيء على صوت ورده. دخول يشبه دخول الأغاني الكلثومية الكبيرة. كان يمكن لهذه الأغنية أن تكون أكثر صخبا وأكثر شبابا. لقد تمّ تبسيط اللحن أكثر مما يجب. لماذا تتراجع طريقة توزيع أغاني ورده، بعدما سمعناها سابقا بتوزيع طارق عاكف شابة ومرحة وتضجّ بالحياة وتدعونا للرقص؟؟ لقد أضعف التوزيع الموسيقي هذا اللحن الجميل، وجعله باهتاً هادئاً أكثر مما يجب. ورده تغنّي للشباب وليس لجيل لا يقوى على الحركة. لم يفهم خالد عزّ شخصية اللحن الذي وضعه الراحل رياض الهمشري. أغنية توزيعها ليس على موضة التوزيع اليوم، وكأنها مرّ عليها أكثر عقد من الزمن... باهتة، فقيرة، واهنة...
5 – عدّت سنه
يا سلام، لماذا أمجد العطافي يثير فينا سحرا خاصا. هذا اللحن يخطف الأذن من النغمة الأولى. حتى كلمات عوض بدوي الجميلة فيها الكثير من لون ورده ومن مواضيع تناولتها وغنتها سابقا. توزيع أحمد عادل جميل ومناسب لأجواء اللحن الذي إجتهد أمجد العطافي ليكون أكثر قربا من شخصية ورده. ساحرة ورده وهي تقول " ... وما فيش أبدا نهاية لحكاية حبّنا... عدّت سنه، حاجات كتير أتغيرت إلا أنا...". هذه الأغنية سيسطو عليها لاحقا جورج وسوف في حفلاته وسيغنيها كثيرا. أغنية تليق بصوت وإسم ورده وحضورها الكبير.
6 – ضميرك مستريّح
خالد عزّ يتقمّص بعضاً من شخصيتي صلاح الشرنوبي ووليد سعد. هذا اللحن بدخوله جميل وقريب من القلب والأذن. وتريّات هاني فرحات في خلفية غناء ورده تأتي في غير محلّها. لم أحبها، ولم أستسغها لأني شعرت أنها إنفعالية ومجرد حشو لضرورة ما لا ضرورة له. لكنها في الفواصل جميلة وفي مكانها الصحيح. تغنّي ورده على إيقاع طبلة أحمد عبادي، فيفضح الهدوء ما لا يجب فضحه. ثم يستدرك التوزيع الأمر لاحقا بالوتريات مغطّيا ما يجب أن يغطّيه! أغنية تشعرك أن وردة نائمة في سرير المرض وهي تغنّيها بوهن واضح.
الخلاصة
الذين سلّمتهم ورده هذا العمل لم يعرفوا كيف يتصرّفوا به بالشكل المناسب. توزيع موسيقي فقير في أغلب الأغاني. وميكساج باهت يؤكّد ويشدّد على إظهار العيوب أكثر مما يسترها. واضح أن هذا ليس أفضل ما عند ورده من الغناء والأغاني. ولم يكن لائقا أن تعود ورده بهذا الضعف وهذه البدائية.... من الضروري الإنتباه لكل هذا الفقر وهذا الإستسهال لتجاوزه في الألبوم القادم، الذي لا أعتقد أن موعد ظهوره سيتأخّر كثيرا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق