جميل ، هاديء ، حالم .... تنقصه أغنية راقصه وصاخبه ... أين هي ؟
====================================
د . جمال فيّاض
-------------------
أخيرا ، وبعد قصص أنتظار طويله ، ظَهَرَ أالبوم الفنان مروان خوري الجديد " راجعين " عن شركة " روتانا " التي سمعنا عن مشاكلها وخلافاتها مع الفنان الشاب الى أن قضت المصلحة المشتركه أن يظهر الألبوم الى الجمهور ...
في ألبوم " راجعين " يلمح المطرب الى أنه لن تكون رجعة بينه وبين "روتانا" ، فهو شكرها بالأنكليزية على الغلاف لتعاونها طوال هذه الفتره ... كما شكر كل الذين تعاون معهم ... ولم أفهم بعد لماذا يأتي الشكر باللغة الأنكليزيه ؟؟
الغلاف أتى أنيقا جدا ، والصور التي ألتقطها الفنان رامي بربور جاءت بمنتهى النعومه ، وبدا الفوتوشوب فيها بلمسات رقيقه . تصميم الغلاف الذي نفّذه برنارد منصور جاء هادئا بما يتناسب مع شخصية مروان الفنيّه . وألطف ما فيه أنه وضع كلام الأغاني بوضوح تام .
الألبوم الذي كتبه شعرا ولحنه وغناه مروان خوري ، جاء كعمل الفرد الواحد . يبدو أنه على خطى كاظم الساهر ، بل أكثر ، فهو يكتب ويلحّن ويغني كامل العمل ...
الى " راجعين " ... معا ...
1 – أدري
----------------
هذه أغنية يفتتح فيها مروان خوري ألبومه ، وهي تستحق أن تكون للأفتتاحيه ... يدخل صولو الكمان ( لم نلاحظ أسم العازف على الغلاف عكس الناي والقانون) ، بشكل ناعم جدا وساحر . وقد جاء التوزيع الموسيقي تمهيدا للريتم السريع ، ثم الأنتقال الى الشرقي الجميل ، والتوزيع الموسيقي الذي كتبه كلود شلهوب جاء جميلا جدا . كلمات الأغنيه جاءت ببعض اللهجة البدويه اللبنانيه البيضاء قليلا ... يعني خليط من لهجات يصل الى الجميع من المشرق الى المغرب . ومروان شاعر كما هو ملحّن جميل . في خلفيات اللحن تظهر الآلات الموسيقيه من قانون الى الرقّ بوضوح وحضور ظاهر . يتابع الكمان حضوره بشكل جميل . وسحبات مروان التطريبيه في هذه الأغنيه جميله جدا ، ونقلاته الموسيقيه في اللحن ( أنا المظلوم ... ) جميله جدا . هذه أغنية ساحره ، فيها طرب شعبي جميل ، يضيف مروان إليها الكثير من عذوبة الأداء .
2 – فكّرت نسيت
----------------------
برومانسية حالمه ، يدخل علينا الغيتار بنقرات جميله مع بعض ما يُشبه هدير البحر ، شيء من اجواء أغنية " ماناكو " للفرنسي الراحل سيرج غينسبورغ ... ثم يبتعد عن الأجواء ليصبح صوت مروان بعيدا مع بعض الصدى الجميل في الغناء . توزيع ناصر الأسعد يكاد يُصبح واضحا دون أن نقرأ أسمه ، خصوصا عندما يُوجّه كمنجاته بكثير من الرومانسيه . ويلفت مروان بكلماته الشعريه ، فهو يكتب الكثير من الكلام الغنائي المميز ... وكملحّن يلفتنا عند "وحياتك حبيتك أكتر ... " ، فهذه النقله جميله وهذا التحوّل الموسيقي جميل ، خصوصا عندما يقفله ناصر بكمنجات بعيده وجميله ... مروان فنان لا يمكن إنكار موهبته اللحنيه ...
3 – تعوّدت عليك
----------------------
كمنجات داني خوري الموزّع غريبه بعض الشيء ـ تدخل من حيث الصوت المكتوم ، لكن كتابته للكمنجات المرافقه للغناء ، تأتي معجوقه قليلا ، وتتطلّب من أذن السامع أن تتابعها بشكل يرهقها كثيرا . عموما الكمنجات هي الآلات الوحيدة الواضحه لولا صولو القانون ( جهاد أسعد) الذي يصل لاحقا . الأغنيه تحتاج للأستماع الدقيق أكثر ليتمكن السامع من تحديد قيمتها الفنيّه ...
4 – وطّي صوتِك
-----------------------
واضح التأثّر بلون وضعه زياد الرحباني من زمان ، وهذا ليس عيبا في الأغنيه . فهناك مدرسة وضعها زياد في تجاوزه المفاجيء لحدود الكلمه المألوفه في الأغنية اللبنانيه ، والخروج نحو مواضيع مفاجئه . كلاما ولحنا ، يحضر زياد الرحباني . من الكلمات الى البيانو الى الأداء ... وإن كان اللحن في مكان ما بالبدايه يشبه كثيرا لحن رحباني فيروزي ( حبيبي قال أنطريني بأول الصيف ،ع بيادر الصيف وع الحقل اسبقيني ... من مسرحية " جسر القمر " ...). عموما موضوع الأغنيه طريف وجميل ، وغناء مروان خوري لطيف جدا ، وهناك نوع من السحر الغنائي في صوته . أما التوزيع الموسيقي فجاء بمنتهى الجمال ( ميشال فاضل ) خصوصا صولوهات البيانو التي عزفها بنفسه بدون شكّ . أغنية جميله أيضا .
5 – تمّ النصيب
---------------------
هي أغنية للأعراس ، تتناول موضوع تمّ النصيب والزواج ، لكن الغريب هو الأنتقال الى نوم الهنا منذ مطلع الأغنيه ... ما هذا التهذيب ؟ هل من عريس يغني لعروسه من أول الأغنيه نوم الهنا ؟ غريب هذا الأمر ... التوزيع الموسيقي ليس ملفتا جدا ( داني خوري ) . والإيقاعات (بالدرامز ) ليست فكرة موفّقه . هذه الأغنيه تأتي بلا أي أهمية تلفت ...
6 – مش خايف ع لبنان
------------------------------
من الأجواء الرومانسيه ينتقل بنا مروان خوري الى أغنية عاطفيه وطنيه ... يدخل اللحن بما يشبه أغنية هدى " بيني وبينك يا هالليل ... " الرحبانيه ، ثم عند " مش خايف ع لبنان " نصبح في أغنية تعيش في حضن الرحابنه بشكل شبه كامل . كلاما ولحنا ... الأغنيه بأداء مروان تصبح عملا جميلا ... وتحويلها الى لحن بالفرنسيه سيعطيها أبعادا عالمية ... هذه أغنية جميله بكلماتها ولحنها وأداء مروان خوري ... فكرة الكلام جميله جدا . مروان فنان يتأثّر قليلا ، لكن مساحة تفرّده تبقى واضحة جدا في كل أغنية . وميشال فاضل موزّع موسيقي حسّاس وفنان جدا . أغنية جميله جدا .
7 – مش كل مين غنّى غنيّه
-------------------------------
كلام الأغنيه النقدي والخفيف الدمّ يتناسب مع اللحن الجميل الذي وضعه مروان بكثير من المرح والحبّ . أما ناصر الأسعد فقد أضاف كموزّع موسيقي الكثير على هذا اللحن ، وخليط الآلات الموسيقيه المتناغم يجعلها بمنتهى الجمال . حتى الإيقاعات المألوفه جاءت جميله جدا ... رشرشة القانون تأتي في الموسيقى بين الكوبليهات جميلة ومرحة جدا . أصوات الكورال ليست مناسبه جدا ، وكان يمكن أن تكون أكثر غِنىً وكثافة بالصوت ...
8 – راجعين
----------------
الأغنية التي حمل الألبوم اسمها من توزيع داني خوري ، جاءت فيها موسيقى كثيفه جدا ، على لحن رومانسي لطيف ، أما أصوات الأورغ فأتت كما أصوات أورغنات الكنائس . وإن كانت لا تؤذي السمع ، لكنها تأتي على تأثّر واضح بأغاني الحب الفرنسيه التي سمعناها في السبعينات وما زالت عالقة بأذهاننا . ( جوني هوليداي و كريستوف وغيرهما ) . بشكل عام ، هذه الأغنيه يمكن أن تكون تأكيدا إضافيا لصلاحية أنطلاق ألحان مروان خوري نحو الغرب وأوروبا . لأنها تثير الكثير من المشاعر الجميله بزمن الأغنية الرومانسيه الذي ولّى مع القرن الماضي ....
9 – رقصه
-------------------
أيضا من توزيع داني خوري يغني أغنية شعبية ، من المفروض أنها تدعونا للرقص ... لكن الرقص لن يكون حماسيا مع هذا التوزيع ، وقد يصبح رقصا من نوع آخر ... رقصا ألكترونيا حسب الموضه الحاليه ... خصوصا مع الأصداء الصوتيه المرافقه . هناك الكثير من الألكترونيات في هذا التوزيع ، وهو مقصود لأنه بات مطلوبا هذه الأيام ... وإن يكن ، فهذا ليس اللون الذي نطلبه من مروان ... ليستمتع من يحب هذا اللون ، لا إعتراض على محاولة التنويع ...
10 – الحدود ( خدني على بلاد)
-----------------------------------
كنت أتمنى كمستمع أن يدخل اللحن بصوت الأكورديون الحقيقي الذي نحبّه بلا تدخّلات ألكترونيه ، لأن مروان كتب للدخول جملة موسيقيه جميله جدا ... توزيع داني خوري أرتكز على الإيقاع الغربي في هذا اللحن ، وإن كان توزيعه جاء جميلا ، ومرضيا . والإيقاعات جميله ، خصوصا وهي تترافق مع نقرات الغيتار في مكان ما ، ومع الأكورديون في مكان آخر ... أما كلمات الأغنيه التي كتبها مروان ، ففيها الكثير من الجمال من حيث الفكرة والموضوع . هذه أغنية سماعيه ، قد لا تجد جماهيرية كبيره على المسرح ، لكنها جميلة للإستماع بهدوء ...
الخلاصه
----------------
ألبوم مروان خوري " راجعين " جميل وممتع ، وأحيانا جميل جدا. توزيعه الموسيقي كان متفاوتا من حيث المستويات ، فيه ألحان جميله جدا ، وتنقصه الأغنية الصاخبه والشعبيه التي تجعله يرتكز عليها في حفلاته على المسرح ... فهو أيضا صاحب نكهة خاصة جدا في الأغاني الراقصة ذات الإيقاع السريع والشعبي البلدي ...
محبّو مروان خوري بالتأكيد سعداء بهذا الألبوم ، لكنهم سيشعرون بالأغنية المفقوده . قد يكون تركها لألبومه القادم ... مع الشركة القادمه !!
مبروك لمروان وجمهوره المسحور به وبأغانيه الرومانسيه وأدائه الدافيء .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق