أوبريت " وحدة وطن " ...
رسالة كبيره في شعر وموسيقى .. بأصوات الكبار ...
=============================================================
أوبريت " وحدة وطن " كانت كما في كلّ عام ، العمل الفني الكبير الذي يُفتَتَح به مهرجان الثقافه والتراث – الجنادريه ، الذي يمكن إعتباره أحد أهم الإحتفاليات الثقافيه والفنيه ذات الرسالة الواضحه التي ظهرت منذ سنوات ... وقد قيل في هذه الأوبريت شعرا ولحنا وغناء ما لم يستطع الإعلام والخطاب السياسي إيصاله واضحا للشباب العربي ... لقد أرسل الشاعر ساري رسالة واضحة للشباب السعودي والعربي ،على ألحان لماجد المهندس وناصر الصالح وتوزيع موسيقي لوليد فايد بأصوات عدد كبير من النجوم بدءا من محمد عبده وإنتهاء بالطفل الفنان خالد الجيلاني مرورا بماجد المهندس وراشد الماجد وعبد المجيد عبدالله وعباس ابراهيم ويارا وفدوى المالكي ... هو عمل فني غير عادي ، بل هي أوبريت تصل بمستواها الى أعلى درجات الجمال في إيصال فكرة وطنية ، سياسية ، إنسانية وإجتماعية بالغناء والأستعراض المبهر لكلّ الحواس .
في الألبوم الأنيق الذي حصل عليه ضيوف الحفل أسطوانة مسجّل عليها هذا العمل الجميل ، موضوعة في كتيّب فخم جدا صممه الفنان والمصوّر الموهوب مهند النعيمي بكلّ أناقة وفنّ وذوق . كلمات الأوبريت التي كتبها الشاعر ساري مترجمة الى الأنكليزية ، وتوقّعنا أن تكون بالفرنسية أيضا كون فرنسا هي ضيفة الشرف لهذا العام ، على المهرجان في يوبيله الفضي ...
أما مضمون الأوبريت غناء وألحانا وشعرا ... فهذا أمر آخر ... نستعرضه معا ...في لوحاتها المتنوعة المواضيع وعددها عشره .
1 – إنت الوطن
--------------------
يدخل المشهد بضربات إيقاعية فيها الكثير من العزم والثبات الواضح صوتا ... ومن بين سحبات الكمنجات الجميله التي رسم لحنها ماجد المهندس بروعة يدخل صوت محمد عبده وهو يغني ... " إنت الوطن ... " ... ثم يليه صوت ماجد المهندس ، بكثير من الحنان الطاغي والإحساس العالي ويقول " وحدة وطن وهذا الوطن كل الوجود ، كله وفا حتى ولو شاف الجحود ... وتصل الكلمات بصوت راشد الماجد الى أقصى معانيها ... حين يقول .." .. يجحد ولد ، ويوفي ولد ... تبقى حنون ...للي وفا واللي جَحَد ... " فيتابع عبد المجيد عبدالله .. " اللي سقوا من شوقهم من عزمهم من دمهم ... وحدة وطن ... " . هذه رسالة سامية وطاغية بمعانيها . فالوطن يسامح الأبناء مهما جحدوا وأخذوه الى حيث لا يجب أن يذهبوا به ... وهو كلام الملك عبدالله الذي لطالما منح عفوه عن الضالين من أبناء الوطن إذا عادوا عن ضلالهم ... هي رسالة فهمناها بوضوح . وما أجمل قدرة ساري على ترجمة هذه المعاني الى شعر جميل وحنون .... اللوحة الأولى متكاملة لحنا وجمالا في الشعر وأداء المطربين ... أجمل ما يلفت في التوزيع هذه الكمنجات الخلفية لصوت المطربين ... الواضحة جدا بجماليات لا يمكن أن تزعج على الإطلاق. هذا المشهد من ألحان ماجد المهندس ... وهو ينال عليه التقدير الكبير ...
2 – مفهوم المواطنه
------------------------
هذا المشهد من ألحان الفنان القدير ناصر الصالح ، وهو هنا يأخذ منحى أكثر سرعة بالموسيقى ، ويتابع الموزّع وليد فايد بكمنجاته الجميله ، لكن نقرات العود تزداد جمالا ، مترافقة مع الشعر الجميل بمعانيه الحلوه ، ... " في ثراه وفي سماه وفي جباله ، عزّ شانه فوق عزة رجاله ، كلنا له حب من عرضه وطوله ، تقصر الكفّ اللئيمه ما تطوله ... وهذا المقطع يغنيه راشد الماجد بنكهته الجميله ، ويردده بعده ماجد المهندس بصوته العذب فيأخذ اللحن بالتكرار أبعادا مختلفة بين صوت وآخر ... وناصر الصالح هنا يقدّم لحنا جميلا ، في نغمات جميلة جدا ...
3 – وصية جدّي
--------------------
ماجد المهندس، يقدّم لحنا ولا أجمل ويدخل محمد عبده بغناء من طيقة صوتية عاليه ... وهو قلّما غنّى من منطقة الجواب ... وكأني بماجد الملحّن هنا يريد أن يستكشف أماكن جديده بصوت فنان العرب .... بل هو يتابع باللحن من مكان عالٍ جدا ... والتوزيع الموسيقي هنا يتيح لآلة القانون مكانا خاصا في صولو جميل جدا . كل الغناء هنا ، من طبقات عاليه جدا .... وكل واحد من المشاركين تبارى وتحدّى ذاته في هذا اللحن الجميل ... قبل أن يدخل صوت الدكتور راشد الشمراني ... في أداء شعري يطبع الذاكرة بوصيّة الجدّ المؤسس وفي إلقائه ثقة وعزم ... أما الشعر هنا ففيه ما يترك إنطباعا عاليا من الحماس والنشوة العالية . .. " قلت يا جدي ترانا ما نفرّط في شقانا ، حنّا أحفاد الموحّد ويومنا بيد المجدّد ، اللي آمن بالحوار وخللى للكلمه منار قايد الخير النصوح غارسٍ فينا طموح ، لا وربّي ما نبور مهما دنيانا تجور ... هذه لوحة جميله أيضا ...
4 – نبذ العصبيه
---------------------
يتشارك ماجد المهندس مع ناصر الصالح هنا في هذا اللحن ، وهو يبدو مشتركا ، ليدلّ على مدى التناغم بين الفنانين ، هذه اللوحة فيها الكثير من المحليّة السعوديه ، وبين التصفيق الإيقاعي والمزامير يترك الموزّع الموسيقي وليد فايد إنطباعا أنه فنان فاهم للمحلّية بشكل تام وواثق . أما الغناء المشترك فيؤكد أن التناغم بين الأصوات المشاركه عبد المجيد عبدالله ومحمد عبده وماجد المهندس وراشد الماجد ... أما الشعر الذي كتبه ساري ففيه صورة جميلة للوحدة الوطنية ... " لا شمال ولا جنوب ، لا ولا شرق وغرب ... الولاء فينا تجسّد نحمله في كلّ درب ما يخونك يا بلد هالجبين اللي سجد .... " هذا أجمل تعبير شعري .... الى أن يختم في الكوبليه ... " نتفق حنّا ولكن ، العدو فينا إختلف .. " .اللحن المشترك زاده رونقا وجمالا ...
5 – مفهوم الجهاد
----------------------
هذه لوحة فيها هجوم واضح على الإرهاب الذي يشوّه صورة الجهاد ، اللحن الذي وضعه ناصر الصالح لهذا المشهد ، ترك فسحة واضحه للكورال للدلالة على أن هذا رأي الجماعه وليس مجرد رأي خاص لصوت واحد ... وكنت أتمنى كمستمع أن أجد مجموع أصوات الفنانين المشاركين هو صوت الكورال .... ليت الموزّع فعلها وحوّلهم الى كورال لأداء الفكرة معا ... فالجميع يؤيّد هذا الكلام ... " ... لا يحسبون الجهاد سعي في الأرض وفساد ، الجهاد إنك توقف دون عزّة هالبلاد ... " ... لحن جميل ، لكنه قصير نسبيا ... الشاعر ساري ، يوصل فكرته بكثير من الإختصار وهذا منتهى الإبداع والجمال ...
6 – شقائق الرجال
----------------------
لحن مشترك بين ماجد المهندس وناصر الصالح ، تؤديه يارا وفدوى الرفاعي ... صوتان نسائيان جميلان ، واللحن عند .. " ربينا أجيال صغار ... ونوقف ورا رجال كبار ... بنت السعوديه وفيّه وحقوقها ما هي هديّه ... " .... اللحن هنا خطير وجميل جدا ... و يحضر هنا أداء الراحله ذكرى بأداء فدوى الرفاعي ، وهذا أمر لا يعيب صوتها ، بل هو ثناء على هذا الصوت الجميل .... ويارا بصوتها الأنيق تؤكّد أنها أستحقت هذا الحضور بصوتها الجميل ...
هناك تمازج لحني واضح ، ويبدو واضحا أن ماجد وناصر تشاركا كلٌّ بروحه ، وعند يا رضا الربّ الكريم ... تنتقل النغمة الى مكان آخر ... والصوت الرجالي يغيّر المنحى العام للمشهد ... هذا المشهد الغنائي ملفت جدا ... الصوتان النسائيان كانا بمستوى الرهان ...
7 – أطفالنا أكبادنا
-----------------------
لحن مشترك بين ماجد المهندس وناصر الصالح ... دخول الموسيقى بكمنجات مزدوجة تتبعها إيقاعات جميله جدا ، بصوت الطفل خالد الجيلاني الذي أمسك الإيقاع بشكل مذهل ... وأستخدم عربه الصوتيه بشكل جميل رغم صغر سنه ، فهو فنان موهوب ،وأعتقد أن اللحن تمّ وضعه لصوته ، مراعيا قدراته العاليه ، لأن مثل هذا اللحن لا يمكن وضعه لفتى بعمره لولا معرفة طاقته الغنائيه ... وخالد الجيلاني يؤدي أشياء صعبة جدا ، وهو يؤكّد موهبته بهذا الغناء العالي والواثق . أيضا في الكوبليه الأول لحن يتغيّر بإيقاعاته وسرعته وروحه عند الكوبليه التالي ... من عند " تسلمين يا بلادي .... " ... في المكانين هناك موسيقى جميلة جدا . أما الشعر المكتوب هنا ، فيجب أن يكون نشيد الأطفال في حب الوطن والدعاء لله سبحانه . هذا الكلام جميل جدا ، وملفت ويصيب في القلب ....
8 – هذا ملكنا
--------------------
هذا اللحن المتباهي الجميل وضعه ماجد المهندس ، " هذا ملكنا مين يباهينا بملك ... وهذي قلوب الشعب صارت منزلك ..." هنا يكتب الشاعر في حبّ مليكه الكريم والسخيّ والمتفاني وهو صوت الشعب الذي جعل لمليكه في القلوب منازل ... الشعر فيه وصف جميل ، خصوصا فكرة هذا "ملكنا مين يباهينا بملك ...". منتهى المباهاة وجمال التعبير . اللحن الذي وضعه ماجد فيه إيقاع جميل يحمّس السامع على الوقوف للعرضه حاملا سيفا عربيا مطعّما ... منتهى الجمال ، وأداء محمد عبده وماجد وراشد وعبد المجيد ... فيه نوع من الإحساس العالي خصوصا في أماكن الغناء العالي الطبقات ... واضح أنهم يغنّون بحب ... لوحة غنائية جميله ...
9 – مفهوم الولاء
--------------------
هذه مبايعة بالولاء بالشعر والغناء المتفاخر بالأصول العربيه ... والدخول غناء جماعيا يجعله قسما ووعدا ... جميلة هذه الصورة شعرا وموسيقى ... وفي هذا القسم والوعد يتشارك ماجد وناصر بتلحينه . أما أداء الجميع فقد كان شبه تأكيد متناغم على الولاء ... " أنا المواطن يا مليكي وسيدي ، هذا ولائي بالفعل ما هو حكي .... وأنا السعودي ديني الإسلام وأصلي يعربي ، ما همني قلب حسود أو حقود أو ردي " . كلام جميل ، هو قسم يستمر لأجيال ... وساري يتابع كتابة مشاهد لا ترتبط بزمن ، بل كأني به يسجّل مواقف الوطن والمواطن لأجيال وأجيال قادمه ... لوحة قصيره لكنها تعبير كبير .
10 - المُهاب
--------------------
ماجد المهندس يدخل هنا كملحّن من مكان بعيد جدا ، ويغوص بالمحلّية السعوديه ، وهو هنا أخذ على عاتقه تلحين هذا المشهد ليتحدّى ربما ، ويثبت أنه ممزوج بالروح الفولكلورية السعوديه . وبين الكلام واللحن الكثير من التآخي والتمازج الفني . فالكلام فيه تحية للملك العربي السعودي ، والتحية تأتي بلحن من صلب المحلّية . وماجد هنا إعتمد بذكاء واضح وحاد إيقاعا محليّا ، مع لحن جميل من قلب الصحراء وروحها الجميله . هذا اللحن الختامي للمشهد الأخير يريده ماجد أن يبقى في أذن السامع حتى يغادر المكان وفي الأذن رنين لا يتوقّف .... بصراحة أداء راشد الماجد هنا جميل جدا ... وعبد المجيد عبدالله لم يبخل على هذا اللحن بأداء غير مألوف وتطريب جميل ...
الخلاصة
--------------
هذه الأوبريت " وحدة وطن " في اليوبيل الفضّي ، جاءت ذات رسالة واضحه ، فيها الكثير من السموّ والشعر الجميل ، وماجد المهندس وناصر الصالح قدّما ألحانا جميلة ومتناغمة جدا . وأراهما عملا بكثير من التنافس المحبّب ليصلا معا الى الأفضل ، لأن النجاح سيكون حتما مشتركا .... ويمكن القول أنها أوبريت ذات مستوى عال جدا . وأرى في ساري شاعرا كبيرا ، وراقيا بصورته الشعرية الجميله . أما الموزّع الموسيقي وليد فايد فقد قدّم صورة موسيقية جميلة جدا ، يستحق عليها التقدير .
أهم ما في هذا العمل ، أن ماجد المهندس حضر كملحن للمرة الأولى بكل وضوح .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق