الأحد، 14 نوفمبر 2010

Facebook | Jamal Youssef Fayad

العالم يعتصم لأجل فيروز ... لكن من يعتصم للحقّ ؟
=================================
بقلم د . جمال فيّاض
عن مجلة " زهرة الخليج " ـ

ذات يوم من أيام أواسط القرن الماضي ، رفع الموسيقار الكبير زكريا أحمد دعوى قضائيه ضد سيدة الغناء العربي وكوكب الشرق أم كلثوم ، وضد الإذاعة المصريه مطالبا بحقه المادي عن الأغاني التي لحنها لتغنيها ثومه في حفلاتها وتتقاضى عليها أجورا كبيره ،وتذيعها الإذاعه المصريه دون أن يصله كملحّن لهذه الروائع أي حق من حقوقه الماديه . أي أن الشيخ زكريا يستمع مثل أي مستمع آخر لأعماله الموسيقيه وروائعه التي وضع فيها عصارة فنّه الجميل ، بصوت أم كلثوم دون أن تكون له أية صلة بها . إنتفض زكريا وطالب بوقف إذاعة أعماله ومنع أم كلثوم من أدائها إلا إذا دفعت له أم كلثوم والإذاعة المصريه حقوقه التي قدّرها في حينه بأربعين ألف جنيه مصري .
هذه قضية مثبته تاريخيا ، ونهايتها كانت بمصالحة تمت في المحكمة بعد سنوات وسنوات من التخاصم تدخّل فيه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر شخصيا لحلّه بأي شكل كي لا يحرم الخصام الأذن العربيه من لقاءات صوت أم كلثوم بألحان زكريا أحمد .
تتكرر اليوم قصّة ثومه وزكريا مع الكبيره فيروز ومنصور الرحباني بصمت ، ثم تستمر بينها وبين ورثته بعد وفاته بضجيج .
كل الحكايه أن منصور الرحباني وهو شريك شقيقه الراحل عاصي الرحباني الدائم بأعمال ومسرحيات وأوبريتات ضخمة جدا قامت السيّده الكبيره فيروز ببطولتها على مدى سنوات من زمن الرحابنه الرائع . واليوم تعود الفنانه الكبيره لتقديم هذه الأعمال على مسارح في لبنان والعالم العربي . طبعا هي تتعاقد على تقديمها مقابل مبالغ مادية عاليه تناسب إسمها وموقعها عند جمهور عريض لم ولن ينساها مهما طال الزمن وتعاقبت الأجيال . منصور الرحباني ، ومن بعده ورثته مروان وغدي وأسامه يطالبون بحقوق والدهم الماديه عن إستعادة هذه الأعمال .... فيروز ، وتحديدا عبر ريما عاصي الرحباني إبنتها ـ ترفض هذه المطالب الماديه ، تحت شعار أن حقوق المؤلف والملحن تصل صاحبها عبر الجمعية العالميه للمؤلفين والملحنين وناشري الموسيقى في العالم ( ساسيم ) . وفي الوقت الذي تتقاضى فيه فيروز حوالي مئتي ألف دولار عن كل عرض تقدمه ، يطلب ورثة منصور الشركاء مع ورثة عاصي الرحباني ( فيروز زوجته والأبناء ريما وهللي وزياد ) بهذه الحقوق ما يعادل الأثنين ونصف بالألف من الأجر المدفوع كحق من حقوق المؤلف والملحن الشريك . أي خمسة آلاف دولار عن كلّ عرض . أي بحسبة بسيطه كان على السيده فيروز أن تدفع لمنصور الرحباني ما يعادل ال 45 ألف دولار عن عروضها التسع التي قدمتها في دمشق وتقاضت عنها مليون وثمانمائة ألف دولار .... ويومها أرسل مكتب فيروز لمنصور الرحباني شكا بسبعة عشر ألف دولار فقط ...
هذا هو سبب الخلاف ، وحصول الرحابنه الجدد على حكم قضائي بمنع السيده فيروز من أداء أي عمل مسرحي شارك منصور الرحباني بتأليفه وتلحينه هو أمر بديهي إذا كان صاحب هذا الحق لا يوافق على إعادة السماح بهذه العروض . أي أنه ، وورثته من بعده يملك كامل حقوقه بالتصرف بأعمال كتبها ولحنها . طبعا هذا القرار يعني أن ورثة منصور لا يستطيعون تقديم هذه الأعمال دون موافقة ورثة عاصي ( فيروز وريما وهللي وزياد ) . أين الخطيئه ؟
فيروز رمز ؟ طبعا رمز ... فيروز رفيقة حياتنا كما الشمس والقمر والهواء ؟ طبعا وأكثر من هذا ... فيروز هي رئة نتنفس منها وبها ... لكن حتى الرئة لها حقوق علينا ، وعليها واجبات تجاهنا . لماذا تصرّ ريما عاصي الرحباني ومن معها على إقحام هذا الرمز الكبير بمشاكل تافهه وسطحية وسخيفه ؟ لماذا تقحم ريما إسم سيدة الغناء ورمز لبنان العظيم بمتاهة الخلافات الماديه المتواضعه ؟ والأغرب أن مجموعة من جماهير فيروز العريضه في لبنان والعالم العربي تتلاقى للإعتصام دون أن يعرف أحد منهم سبب هذا الإعتصام الحقيقي . نعتصم لمناصرة فيروز ؟ طبعا ، نعتصم ، ونرفض المساس بهذا الرمز ... لكن للحق أن نعتصم لأجله أيضا . هل يستطيع أحد اليوم أن يعيد تصوير عمل فني من أعمال السينما العربيه أو المسرح العربي دون إذن صاحبه المؤلف والملحّن ؟
لنقلبها ، هل يقبل ورثة عاصي الرحباني ( فيروز وريما وهللي وزياد ) أن يعيد أسامه ومروان وغدي تقديم مسرحية " ناطورة المفاتيح " مثلا من بطولة هبه طوجي ؟ ودون مقابل ؟ وهي مسرحية من تأليف وتلحين الأخوين رحباني ؟ ألم ترفع فيروز دعوى ضد المغنّيه الأميركيه مادونا لأنها أستغلّت صوتها في إحدى أغنياتها دون موافقتها ؟ ألم تمنع ريما المنتج عادل معتوق من تسمية مطعمه " زمان فيروز " ؟ وجعلته يغيّر ديكورات المكان ليرفع إسم فيروز عنه ؟ ألم ترفض السيّده فيروز أن يستغلّ أحد المخرجين الفلسطينيين دقيقة واحده من أغنية " البنت الشلبيه " في فيلمه العام الماضي ،وهو كان وضع الأغنيه على خلفية حوار في الفيلم ولمدة أقلّ من دقيقه تتذكر فيه البطله زمنا ماضيا كانت تستمع فيه لفيروز ؟ وهي وجعلته يعيد مونتاج فيلمه من جديد ؟ و كان مشاركا في مهرجان الأوسكار ؟ ألم يفرض الراحل منصور حذف ثلاث أغنيات لفيروز من سيناريو فيلم " هاله والملك " حفاظا على نوستالجيا هذه الأغاني التي تعوّد الجمهور عليها بصوت فيروز ؟
لماذا يجوز لريما ما لا يجوز لمروان وغدي وأسامه ؟
عيب هذه المهاترات السطحيه ، والتي أساسها مجرد "نكايات "فقط . فلا فيروز عاجزة عن دفع هذه المبالغ التافهه ، بل المنتج الذي سيدفع هذه الملايين قادر بكلّ بساطه على دفع هذه المبالغ السخيفه وحلّ المشكله ....
زياد عاصي الرحباني ، لم يحرّك ساكنا في هذه القضيّه ، لأنه لو وافق على رأي شقيقته ريما ، فستكون موافقة ضمنيه منه لأي كان على السماح بإستعادة أعماله المسرحيه دون إذن منه ...
الذين إعتصموا ... ليتهم يفهمون على ماذا يعتصمون ...

======================================

ليست هناك تعليقات: