السبت، 23 أكتوبر 2010

عندما القت ريجينا السلاح ... لم اكن معها ! = بقلم د . جمال فيّاض





لم اكن اعرف ان هذه الزيارة " البطولية " التي قمت بها مع بعض الزملاء في كلية الاعلام عام 1982 الى زملاء الفرع الثاني في المقلب الآخر من بيروت المقسومة في حينها الى " غربية " و " شرقية " ، ستتحول بعد ربع قرن الى سيرة بطولية تتحدث عنها الكاتبه اللبنانيه - الفرنكوفونية ريجينا صنيفر في كتابها بالفرنسية الصادر في باريس تحت عنوان " القيت السلاح " ... ولم اكن اعلم اصلا ، ان ريجينا المؤمنه بلبنان أمة واحدة مستقله تصنع تاريخها لوحدها ، قد تتفق يوما معي ، انا المؤمن بالقومية العربية وجمال عبد الناصر والامة العربية الواحده المتكامله ، ذات المصير المشترك والتاريخ الواحد ، والساعي بكل قوة لتكون السوق العربيه المشتركه اول الغيث الى التقدم العربي ...مع تحرير فلسطين بكامل اراضيها ...


والتقينا ، هي اللبنانية فقط ... وأنا اللبناني العربي ... بل العربي بكل معاني العروبة ..التقينا على مبدأ واحد في حينه ، ان نحترم الآخر ورأيه مهما تناقض مع آرائنا وافكارنا وتطلعاتنا ... ذهبت مع المفكر الكبير الراحل الدكتور حسن صعب ( عميد الكلية في حينه بفرعيها البعيدين جدا ) والتقيت بالزملاء والزميلات من طلاب الفرع الآخر !! تحدثنا تناقشنا واتفقنا ... فقط على ان نلتقي لاحقا ولو تباعدت وجهات النظر ...


ثم قمت بالعمل " البطولي " في حينها . دعوت ريجينا وبعض الزميلات – رفض الزملاء الدعوة – لزيارتنا في " الفرع الغربي" من الكلية . وحضرن بكل جرأة ...كل هذا كان في العام 1982 ، قبل اجتياح حزيران – يونيو- بأشهر قليلة .وتحملت تبعات هذه الدعوة ، من تهديد واتهام بالخيانة العظمى !


بعد هذا التاريخ التقيتها مرات قليلة جدا ... وباعدت الايام والحرب ... وربما السلم بيننا . هي ذهبت الى باريس ، وأنا ذهبت الى باريس ، ولم تجمعنا الصدفة هناك .


فجأة تصدر ريجينا كتابها الثاني ، " ألقيت السلاح – أمرأة في حرب لبنان " . ريجينا كانت تقاتل في لبنان ، وتحمل السلاح حقيقة وليس بالمعنى المجازي ... وها هي بعد ربع قرن تعترف لي ولكل الناس اني كنت على حق ! وأن السلاح لا يأتي بالخير ولا بالحرية ... والعنف وسيلة فاشله ...


حكت ريجينا الكثير من الحقيقة ، وروت لقارئها الفرنسي ، انها كانت على خطأ عندما آمنت بالسلاح والعنف وسيلة لتحقيق حرية لبنان ...


عندما دخلتُ عليها منذ أيام توقّع كتابها وسط جمهور كبير في مجمع ال " "ABC - الذي تعرض بعد يومين للتفجير الارهابي - ، نادت على كل الحاضرين من سياسيين وزملاء اساتذة : " هذا هو جمال .." !!


وقفت مذهولا ، لكن مبتسما .. هل تريد ان تسلمني للأمن ام ماذا ؟؟


جمال هذا ، هو بطل الفصل الثالث عشر من الكتاب ... هذا الذي كسر حاجز الحرب اللبنانيه عام 1982 في عز توترها وانقسام ناسها ، وعبر الى المنطقة المحرّمة على الآخرين .. وتحدث مع زملاء لم يرهم يوما ...


أنا الان سعيد لاني تأكدت اني كنت على حق .. وفخور اني لم احمل السلاح يوما لأي سبب ... لبناني !


فخور بهذه "البطولة" البريئة !!


فخور بصداقتي لريجينا التي غيّرتها الايام ... لتحب أكثر ... ولكن بشكل افضل ... كما يقول يوسف شاهين الرائع ...

ليست هناك تعليقات: