الخميس، 19 أبريل 2012


ألبوم هبه طوجي "لا بدايه ولا نهايه" ...

ساحر ومتقن .. يذهب أكثر الى الغربي باللبناني ...

==========================================

جمال فياض

------------------

أصدر الفنان والموسيقي أسامه الرحباني ومن إنتاجه ألبوم المغنّية هبه طوجي بعد إنتظار طويل، وهبه التي أثارت وما زالت منذ إطلالتها الأولى مع الفريق الرحباني الجديد الجدل والأسئلة والأحاديث والريبة الفنية !!... ها هي اليوم تقدم نفسها عبر الرحابنة الجدد بألبوم غنائي فيه فخامة غير عادية. غلاف الألبوم رائع بتصميمه وفخامته وألوانه (عضيمي ستوديوز) وصوره الفوتوغرافية (كريم غريّب) وطباعته الفخمة والمتقنة. وفيه كلام كثير كتبه أسامه الرحباني يستحق القراءة بعناية قبل الإستماع. فلنستمع بعناية وإنتباه ... هذا عمل رحباني.

1 – لا بداية ولا نهاية

الأغنية الأولى في الألبوم ... كتبها الكبير، الراحل ذات شتاء كئيب منصور الرحباني، على موسيقى ميشال لو غران، الذي يُعتبر أحد الذين وضعوا شكلا جديدا ومختلفا للموسيقى الفرنسية الحديثة. وتولّى إعدادها وتوزيعها موسيقيا أسامه الرحباني. اللحن الغربي يبدو بهوية رحبانية واضحة، وكأنها موسيقى من أسرتها وبيتها وبيئتها الرحبانية. وها هو منصور يترك لها كلمات ساحرة وجميلة وناطقة بحب ومشاعر وجمال. الأوركستراسيون الذي وضعه أسامه لهذا اللحن جعله حالة صخب متنوّعة الألوان، ويذهب بالسامع الى عالم الأحلام ... آلات النفخ والوتريات وصوت هبه الذي يلامس طبقات ذات هيبة عند المغنيات أيا كانت الاسماء التي تغني. ووصلت هبه في نهاية الأغنية الى قفلة صوتية مستحيلة وطويلة وربما إعجازية. مؤكّد أن سماعها أفضل من وصفها...

2 – هربان

بيانو يسهب بالحلم، على إطلالة صوت هبه الدافيء عند مكان فيه حبّ وإحساس عالٍ. تتابع هبه الغناء برومانسية وسحر وتمكّن بالأداء، على كلمات لغدي الرحباني. تستمر مع البيانو قبل أن تذهب الى صخب وسرعة وأغنية فيها صورة ألم إجتماعي كبير يعيشه اللبناني والعرب، والموضوع صعب التناول، لكن لا صعب عند الرحباني أيا كان. وتوزيع أسامه الرحباني للحنه هذا يذهب الى إيقاع صعب. ولا يمكن الإستهانة بأداء هبه في هذا اللحن وسرعة النقلات المترافقة بقفزات صوتية وإيقاعية، ثم بطلعات سوبر عالية حيث تصل الى الصعب والمستحيل لغيرها من بنات جيلها... رفقة صوت سيمون عبيد لصوت هبه فكرة جميلة ومبهرة...

3 – لا تقلّلي أنك مشتاق لي

هذه أولى أغاني أسامه لهبه طوجي عندما أراد أن يقدّم لها موسيقاه ورعايته الفنية الكبيرة. وهو يبحث في هذا اللحن عن مكامن الجمال في الصوت القدير والمثقف والواثق. لحن يشبه الإختبار. وهبه هنا تعطيه وتعطينا ما يجعلنا نستمع بإنشداه وإستغراب. هذه النقلات والتلاعب على الطبقات الصعبة والمتفرّقة الأماكن، يجعلها مغنّية الصعب ومؤدّية الغريب. لحن أسامه الجميل وتوزيعه السلس والإنسيابي ثم المفاجيء لكلمات كتبها غدي الرحباني بسحر، تختتمه هبه بسحبة طويلة تذهل عند طبقة صوتية عالية جدا.

4 – ذات اللفته

يطلّ أسامه الرحباني هنا بهذا اللحن على "الشرقية الرحبانية"، أو الروح اللبنانية الرحبانية الجميلة. كلمات طريفة كتبها غدي الرائع. وتوزيع أسامه ساحر خصوصا بإستخدامه الجميل لآلات النفخ على إيقاع شرقي تعزفه آلات غربية ودرامز ووتريات جميلة. أما تعريبات ولفّات وأنخفاضات وطلعات صوت هبه ففيها حالة من الوثوق والتمكّن يجعلنا لا نكفّ عن الإنتباه والتساؤل هل هذا صوت مغنية كبيرة أم مشروع تينور؟؟

5 – ماشي وما بعرف لوين

هذا الجاز الجميل مألوف لأذني وأي أذن تحب هذا اللون من موسيقى الغرب الأميركي. هذا الشاب الموسيقي الكبير المدعو أسامه الرحباني وضع هذا الجاز العربي، من زمان ليأتي اليوم الذي تضع هبه طوجي صوتها عليه بحرفية وسحر جميلين. اللحن الصعب تؤديه هبه بموهبة تستحق الإعجاب والتنويه. وتوزيع أسامه الجميل والدرامر الجميل لا بد من أن يبهر السامع. والكلام الذي كتبه غدي الرحباني فيه صورة غريبة قد تكون نوعا من الترجمة اللبنانية لما يكتبه شعراء الغناء الأميركي. كل آلة ألكترونية أخذت حقها في مكان ما. وصوت هبه يذهب الى أبعد مدى، وهي تترك لصوتها العنان... (تصل الى ثلاثة أوكتاف). أي موسيقى ، أي غناء ... هذه مغنية عالمية، حدودها أبعد بكثير من الغناء المحلي.

6 – كل صحابي فلّو

أيضا بالبيانو يدخل علينا صوت هبه، بأغنية رومانسية الصورة كلاما ولحنا. شعر غدي الرحباني الجميل، صورة إنسانية خيالها قريب جدا من واقع نعيشه دائما... لحن أسامه الرحباني ناعم وهاديء وفيه تصوير موسيقي جميل لصورة الكلمات. أسامه بموسيقاه متأثّر جدا بروح الغائب الحاضر منصور الرحباني. لكن التوزيع الذي وضعه للحنه هنا، فيه روح غربية جميلة. لحن وضعه أسامه عام 1990 وكتب كلماته غدي عام 2008، تغنيه هبه طوجي اليوم بإحساسها الجميل، والصعب الذي لا يضاهيه صوت.

7 – تانغو الحريّه

لحن تانغوه ل آستور بيازولّا، يعيد توزيعه وإعداده أسامه برشاقته الجميلة في التوزيع الموسيقي،على كلام كتبه غدي الرحباني، فيه خبر وصورة ووصف حال. وفي هذا اللحن الجميل يتيح لهبه أن تنطلق أكثر فأكثر بصوتها، في صرخة الحرّية التي تنشدها الشعوب والبشرية. صولو الأكورديون الجميل والناعم بعد صخب اللحن يجعلنا نحيّي العازف الجميل طوني ديب. صخب اللحن والكورال يوحيان للسامع بثورة وحشود وغضب... قامت الثورة بأغنية وبصوت هبه طوجي، الذي وصل الى حدود أفق لا مدى له...

8 – حلم

هذه أغنيتي، هذه أغنية ولا أحلى. أداء إستعراضي جميل وإحساس مبهر. واللحن الذي وضعه أسامه فيه دمعة تكاد تغلب عيني وتخرج منها بقسوة وألم. لست أدري لماذا هذه الأغنية تلامس جوارحي وأعماق قلبي. موسيقاها وتوزيعها ووترياتها ونحاسياتها ومختلف آلات النفخ فيها والبيانو وصوت هبه وكلمات غدي الساحرة والمرهفة... هذه أغنيتي الساحرة والطالعة من جوارحي ومن قلبي... برافو أسامه .

9 – خايفه قول

يتشارك جاد الرحباني وأسامه بوضع هذا اللحن ( منذ عام 1989) ويكتب غدي الكلام الجميل. أما توزيع أسامه فيضيف للحن الكثير من الجمال. ورغم أن هبه تصل في هذا الغناء الى أماكن بعيدة وصعبة بكل جرأة وثقة وحرفية، فأنا لم أجد ضرورة لكل هذا الإستعراض الغريب. أجد فيه بعض المبالغة التي لا ضرورة لها. لقد أدت الأصعب من الصعب، لكنه لم يكن هنا خفيفا على أذني.

10 – بالعمر اللي باقي

أيضا بموسيقى من ميشال لوغراند، وإعادة إعداد موسيقي وتوزيع لأسامه الرحباني. تغني هبه برومانسية وإحساس هذا اللحن الجميل. من منطقة ذات قرار لطيف نستمع لصوت يتهادى الينا ويحكي قصة "العمر اللي باقي" على كمنجات وتشيللوهات ساحرة وبيانو خجول. وما أحلاها كلمات منصور الرحباني وصوره الشعرية الجميلة والغنيّة بالخيال. بعدها تنتقل الحالة الى جاز جميل وتقاسيم وصولوهات ممتعة. ما أحلى هذه الأجواء... وما أحلاه أسامه في هذا الأختيار الموسيقي الجميل. وما أحلاها هذه القفلة الساحرة...

11 – المرتزقه

عادة نغني للأبطال وللشهداء والشعب المقهور... هنا يغني اسامه وغدي الرحباني بصوت هبه طوجي للمرتزقة الذين يبيعون حياتهم لمن يدفع لهم أكثر. لكن دخول هبه بترنيمتها الصوتية الغريبة، تؤكّد أيضا وأيضا هذه الموهبة حتى بأبسط الأداء الصوتي. فكرة الأغنية جميل جدا، ولا تكون تستمع لعمل رحباني إذا لم تتفاجأ بكلام له موضوع مبهر... حتى الأداء الغنائي لهبه هنا مسرحي وأكثر بساطة. وهي المتمكّنة من كل أدواتها في الصوت والأداء.

12 – افتح لي الباب

ضربات أيقاعية متوتّرة قبل أن يبعث صوت هبه الطمأنينة فينا. أيضا غدي يكتب، وأسامه يلحن هذه الأغنية ويوزّعها. وإن كان في بعض نغمات هذا اللحن الجميل شبه بسيط من نغمة في ديو شهير لكل من داليدا وآلان ديلون، وهما أعادا تسجيلها بعد مغنيين آخرين سبق لهما تسجيلها. وهي أغنية:

“ Parole parole“

( لحنها جياني فيريو). شكل مختلف تغنيه هبه طوجي، ورومانسية جميلة، وإحساس يثير الكثير من العاطفة في أذن السامع. سبق لكارول سماحه أن غنتها منذ سنوات.

خلاصة

هذا العمل تحفة فنية بديعة. موسيقى تجنّن ومتعوب عليها بأكثر من العادي. إتقان وحرفية وموهبة في الأداء. هذا فتح جديد في الموسيقى العربية وهي تحاكي بالعربي الغناء الغربي من بابه الواسع. قد يكون أسامه بالغ في بعض الأماكن في إظهار قدرات هبه طوجي الصوتية والتقنية.وكأنها في إمتحان وإستعراض صوتي، تفوز به طبعا. لكن ليس مطلوبا في أعمال قادمة أن يذهب الى هذا المدى، كي لا تصبح مغنية غربية بلغة عربية لبنانية.

برافو للرحابنة الجدد أسامه وغدي ... عمل رائع.

ليست هناك تعليقات: